
كتبت : شمس وليد
أكد تقرير دولي صادر عن الاتحاد العالمي لاتحادات التأمين في أكتوبر 2025، أن فجوات الحماية التأمينية لا تزال تمثل تحديًا عالميًا متصاعدًا، رغم ما يشهده قطاع التأمين من ابتكار واستثمارات وجهود تنظيمية، محذرًا من تداعيات غياب التغطية التأمينية الكافية على الأفراد والشركات والاقتصادات.
وأوضح التقرير، المعنون «Pathways to protection: from challenges to opportunities in insurability»، أن فجوات الحماية تعكس الفرق بين الخسائر المؤمن عليها وغير المؤمن عليها، وهو ما يحد من قدرة المجتمعات على التعافي بعد الكوارث الطبيعية والصدمات الاقتصادية. ووفقًا لتقرير «سيجما» الصادر في يناير 2025، بلغت الخسائر الاقتصادية العالمية الناجمة عن الكوارث في عام 2024 نحو 318 مليار دولار، منها 57% غير مؤمّنة، ما أسفر عن فجوة حماية عالمية قدرها 181 مليار دولار.
وأشار التقرير إلى أن المخاطر المتزايدة، مثل التغير المناخي، والهجمات السيبرانية، والتحولات الديموغرافية، تتطلب معالجة شاملة تتجاوز قدرات شركات التأمين منفردة، مؤكدًا أهمية وجود بيئة تنظيمية مرنة تمكّن الشركات من تسعير المخاطر بدقة، وتوسيع نطاق التغطية، وتعزيز القدرة على الصمود الاقتصادي.
واعتمد التقرير إطار عمل أطلق عليه «الركائز الأربع» لتحليل فجوات الحماية، وهي: الوعي، وإمكانية الوصول، والقدرة على تحمل التكاليف، والتوافر، باعتبارها عناصر أساسية تحدد مدى إتاحة التأمين للمجتمعات.
وفيما يتعلق بالوعي، شدد التقرير على أن ضعف الثقافة المالية وسوء إدراك المخاطر، إلى جانب الافتراض الخاطئ بتحمل الحكومات لكامل الخسائر في حالات الكوارث، يقلل من الإقبال على التأمين. ودعا إلى تعزيز الشفافية والتواصل، وبناء الثقة من خلال مبادرات التثقيف المالي وحملات التوعية الرقمية، مستعرضًا تجربة اليونان في نشر الوعي التأميني عبر برامج تعليمية وحملات رقمية موجهة.
أما محور إمكانية الوصول، فتناول التحديات المرتبطة بتعقيد إجراءات التوزيع، وضعف البنية التحتية، والاعتماد على النظم التقليدية، خاصة في الاقتصادات النامية والمناطق الريفية. وأبرز التقرير نماذج ناجحة، من بينها مبادرة MAPFRE na Favela في البرازيل، التي وفرت منتجات تأمينية مبسطة وموجهة لمجتمعات منخفضة الدخل، بما يعزز الشمول المالي والتنمية المحلية.
وفيما يخص القدرة على تحمل التكاليف، أشار التقرير إلى الضغوط الناتجة عن التضخم، واضطرابات سلاسل الإمداد، والضرائب المفروضة على أقساط التأمين، معتبرًا أن الضرائب تمثل ثاني أكبر مكوّن من تكلفة القسط بعد المخاطر. واستعرض التقرير تجارب إفريقية ناجحة في التأمين المناخي القائم على المؤشرات، مثل كينيا وزامبيا، حيث تم دمج التأمين ضمن حزم المدخلات الزراعية مع دعم الأقساط وصرف تعويضات سريعة.
وعن التوافر، حذر التقرير من أن تزايد وتيرة وشدة الكوارث الطبيعية ومخاطر الأمن السيبراني قد يجعل بعض الأخطار غير قابلة للتأمين وفق النماذج التقليدية. وأكد أن حلول إعادة التأمين، وسندات الكوارث، وتحليلات البيانات، إلى جانب الشراكات بين القطاعين العام والخاص، تمثل أدوات رئيسية للحفاظ على التغطية، مستشهدًا بنظام التأمين ضد الزلازل في اليابان كنموذج ناجح لتقاسم المخاطر.
وخلص التقرير إلى أن سد فجوات الحماية يتطلب تعاونًا وثيقًا بين شركات التأمين والحكومات والجهات التنظيمية والمجتمع المدني، داعيًا إلى سياسات ذكية تعزز الابتكار وتحافظ على أسواق تأمين مفتوحة ومستدامة.
من جانبه، أعلن اتحاد شركات التأمين المصرية توافقه مع ما ورد في تقرير GFIA بشأن أهمية «الركائز الأربع» لسد فجوات الحماية التأمينية. وأشار الاتحاد إلى الجهود التي بذلها خلال السنوات الماضية لرفع الوعي التأميني، وعلى رأسها الحملة القومية «أمن الأول مش هتبدأ من الأول»، التي أُطلقت تحت رعاية الهيئة العامة للرقابة المالية وبالتعاون مع صندوق حماية حملة الوثائق، بهدف نشر الثقافة التأمينية وتعزيز الشمول التأميني.
وأكد الاتحاد أنه يعمل على تنويع قنوات توزيع التأمين، من خلال بروتوكولات تعاون مع البريد المصري، ودعم تصميم وثائق تلبي احتياجات الفئات الأقل حظًا، إلى جانب المشاركة في المبادرات الوطنية، مثل التأمين الصحي الشامل، والتأمين على العمالة غير المنتظمة، والتأمين الزراعي، بما يعكس التزام القطاع بدعم الاقتصاد الوطني وتحقيق مبدأ «التأمين للجميع».


