مقالات

لماذا النشر الإليكترونى ؟

بقلم / عبد الخالق فاروق

أعتدت مع كل كتاب أكون قد أنتهيت من وضع حروفه الأخيرة ، وخروجه من المطبعة ، أن أضمه إلى صدرى ، وأشتم رائحة حبر الحروف ، وأضعه إلى جوارى على وسادة سريرى لفترة قد تطول لمدة شهر أو يزيد .
هكذا هى عاداتى مع كل كتاب من كتبى الستين حتى يومنا . ولا أخفيكم سرا فقد كانت فرحتى بكل كتاب ، كما هى فرحتى فى كتابى الأول ، مولود جديد ظهر إلى نور القراء والمكتبات العامة ، لم تتغير هذه العادة ، ولم تقل أبدا هذه الفرحة .. وهذا الشعور .
وفى السنوات الأخيرة ، التى خيمت على مصر حالة من الإظلام الثقافى والفكرى ، وأنتشرت تعليمات العسس وصغار الضباط إلى رؤوساء تحرير الصحف ، وأصحاب دور النشر ، بمنع نشر هذا الكتاب أو ذاك ، أو التعامل مع هذا الكاتب أو ذاك ، وصولا إلى حالة مصادرة الكتب وأعتقال المؤلف وصاحب المطبعة ، كما جرى فى حالتى فى أكتوبر عام 2018 ، حينما جرت مصادرة غير قانونية لكتابى ” هل مصر بلد فقير حقا ..ردا على الجنرال عبد الفتاح السيسى ” ، منذ ذلك التاريخ قررت أن أنشر كتبى جميعا – القديم منها أو الحديث – على المواقع الإليكترونية ، حتى تتاح لجميع قراء اللغة العربية فى مصر وخارجها من ناحية ، وحفظ جهدى العلمى وأبحاثى من الإنزواء والأختفاء فى سراديب الأجهزة الأمنية القاسية بلا رحمة .. والجاهلة بلا حدود .
وقد أضيف إليها واقعة غريبة حدثت فى معرض الكتاب بالقاهرة فى يناير عام 2020 ، أكدت لى أن هناك ملاحقة حثيثة لكتبى وأبحاثى ، عندما قامت قوة من جهاز الأمن الوطنى بمداهمة جناح دار الثقافة الجديدة ، وبحثت فيه عن كتبى الموجودة بالجناح وقامت بمصادرتها ، ولم تكتفى بذلك ، بل أنها قامت بمداهمة مقر دار الثقافة الجديدة ذاتها فى شارع صبرى أبو علم ، وبحثت فيه عن كتبى ، ولم تتوقف عند هذا الحد ، فقامت بإستدعاء صاحب المطبعة الذى سبق أن طبع لدار الثقافة الجديدة عام 2019 كتابى ” أنقاذ مصر .. السياسات الاقتصادية البديلة ” ، وأنذروه ، وهكذا وصلت الرسالة إلى كل دور النشر والمطابع فى مصر .
ومن هنا لم يكن أمامى فى مواجهة هذا الحصار الغاشم والغشوم كما القوة الغاشمة التى قال بها رئيسهم ، سوى أن ألجأ إلى ذلك الفضاء الفسيح ، المواقع الإليكترونية ، خصوصا تلك المواقع التى أثق فى أصحابها مثلما هو الحال فى موقع ” أخبار التاسعة ” للصديق المناضل على أبو هيملة .
أنها معركة بين الحق .. وغرور القوة الباطشة ، وبين المعرفة مقابل الجهل .. وأخيرا بين حرية التفكير والتعبير فى مواجهة قوة الإستبداد والحماقة .
أننى أستودع كتابى هذا وكل مؤلفاتى التى ستنشر تباعا على هذا الموقع والمواقع الأخرى ، بين أيدى القراء والمخلصين للحق والحقيقة .

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى