أخباراقتصاد

علاء عوض: الهندسة النفسية للوظائف مدخل جديد لتحقيق الكفاءة داخل المؤسسات وبناء فرق العمل

كتبت : شمس وليد

في لقاء خاص ضمن برنامج “بيزنس” الذي تقدمه الإعلامية شيماء موسى على شاشة قناة Ten، أكد علاء عوض، رئيس قطاعات الموارد البشرية والتحول المؤسسي بمجموعة كونتكت المالية القابضة، أن عملية التوظيف لا تقتصر فقط على دراسة الخلفية الأكاديمية أو الخبرات المهنية والمهارات المكتسبة، بل تمتد إلى جانب بالغ الأهمية وهو الاستعدادات الطبيعية للشخص، والتي تظهر من خلال طبيعة الشخصية. وأوضح أن تقويم الشخصية يجب أن يتم عبر أكثر من أداة، حيث ركز بعض العلماء على الفكر، وآخرون على الوجدان أو السلوك، ومن ثم فإن الرؤية المتكاملة للشخصية لا تتحقق إلا بجمع هذه الأدوات معًا، خاصة وأن المؤسسات تعمل في عالم الممارسة وليس البحث العلمي.

وأشار إلى أن دور التربية في المراحل المبكرة يتمثل في تعريض الطفل لمختلف الأنشطة الفنية والتكنولوجية والرياضية لاكتشاف ميوله، حتى يتسنى توجيهه أكاديميًا ومهنيًا بشكل مبكر، لافتًا إلى أن الاستعداد يختلف عن الميول؛ فالاستعدادات عامة مثل القدرات التحليلية، بينما الميول تحدد المجال الذي يختاره الفرد لممارسة هذه القدرات.

وضرب مثالًا من عالم الحيوان لتوضيح الفارق، موضحًا أن السمكة يدربت على السباحة لا الطيران، مثلما يدرب النسر على الطيران لا الركض، وهو ما يعكس أهمية التقييم الصحيح للاستعدادات قبل توجيهها. وأضاف أن المذيع مثلا إذا غلبت استعداداته البصرية على السمعية قد يتحدث بسرعة تزعج الأذن الحساسة، بينما المذيع الموهوب يمتلك أداء صوتيا معبرا كأنه يلحن الكلمات.

وأوضح أن جوهر الهندسة النفسية للوظائف يتمثل في مفهوم الكفاءة، أي تحقيق الهدف بأقل جهد ووقت وتكلفة، من خلال وضع الموظف المناسب في المكان المناسب، ما يرفع سقف الإنجازات ويحقق جدوى التوظيف. وأكد أن نجاح المشروعات يرتبط غالبا بتطبيق هذه المعايير مقارنة بالمشروعات التي تعتمد فقط على المؤهلات الفنية دون النظر للجوانب النفسية.

وشدد على أن تطبيق هذا النظام لا يقتصر على التوافق بين الموظف والوظيفة، بل يمتد إلى تصميم فرق العمل نفسيًا، إذ قد يكون هناك صديقان متفاهمان لكن أداءهما يضعف إذا عملا في مشروع واحد، وهو ما يُعرف بـ”العلاقات الوهمية”. وأوضح أن أفضل فرق العمل تبنى على تقارب الذهنية وطبيعة الفكر، ما يسهل نقل الخبرة والمعلومة بسلاسة.

ونبه إلى ضرورة تجنب بعض الممارسات السلبية التي قد تعيق نجاح هذا النظام، مثل اختيار موظفين أقل كفاءة بدافع الشعور بالتهديد أو لضغوط الوقت والاستعجال، مؤكدا أن وجود خبرات متخصصة يتيح تطبيقا سريعا وفعّالًا للهندسة النفسية.

كما تطرق إلى جانب الاتزان الانفعالي، موضحًا أن نسبته تختلف حسب الضغوط البيئية المحيطة بالفرد، وأن المقابلات الوظيفية يجب أن تمنح المرشح شعورا بالراحة النفسية بدلا من الضغط، بعكس العيادات النفسية التي يتوجه إليها المريض طلبا للعلاج. وأشار إلى أن معايير الاختيار تختلف وفقا لطبيعة الوظيفة؛ فالطيار يحتاج إلى ثقة عالية بالنفس واتزان انفعالي مرتفع، بينما المحاسب يكفي أن يمتلك قدرات رقمية ودقة متناهية.

واستشهد بدراسة على العاملين في الغواصات النووية الذين يمكثون تحت المحيط لفترات طويلة، حيث أثبتت النتائج وجود توافق بين ارتفاع الأداء وبعض سمات الشخصية، ما يؤكد أن الهدف ليس البحث عن شخصية مثالية، بل عن شخصية متوافقة مع طبيعة العمل. واختتم بالتأكيد على أن التوافق النفسي بين الشخصيات هو العامل الحاسم في نجاح المؤسسات أو تعثرها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى