بعد نزاع 10 سنوات..تسوية نهائية لـ”طنطا للكتان” وعودتها للدولة تنفيذاً لأحكام القضاء
-والمركز المصري: نرحب بهذا القرار وهذه الخطوة التي ستساعد في تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية..
كتب: محمود السقا
وقعت الشركة القابضة للصناعات الكيماوية اتفاق التسوية النهائي فيما يتعلق بالمنازعة مع مشتري أسهم شركة طنطا للكتان والزيوت، تنفيذًا لقرارات اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار المعتمدة من مجلس الوزراء، وفقا لبيان وزارة قطاع الأعمال العام بالأمس.
وبهذه التسوية يسدل الستار على منازعات استمرت نحو 10 سنوات، وبمقتضاه يلتزم المستثمر بنقل كامل حصته في أسهم شركة طنطا للكتان والزيوت للشركة القابضة للصناعات الكيماوية، وقيام وزارة المالية بسداد مبلغ التسوية للمستثمر.
وقالت الوزارة إن ذلك يأتي في إطار جهود وزارة قطاع الأعمال العام لتسوية العديد من المنازعات مع القطاع الخاص لتهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية، وتسوية أوضاع الشركات الصادر بشأنها أحكام قضائية بعودتها للدولة منذ عام 2011.
وكانت اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، قد وافقت على مشروع اتفاق تسوية المنازعة القائمة بين الشركة القابضة للصناعات الكيماوية وورثة عبد الاله صالح كعكي وشركة النوبارية لإنتاج البذور وشركة النيل للاستثمار والتنمية السياحية والعقارية، وذلك بسداد المبلغ المتفق عليه تقوم بسداده وزارة المالية، وتفويض رئيس الشركة القابضة للصناعات الكيماوية في التوقيع على اتفاقية التسوية.
وبتاريخ 14/7/2021، اعتمد مجلس الوزراء قرارات اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار المنعقدة والصادرة بتاريخ 13/7/2021 وذلك فيما يخص اتفاق تسوية المنازعة القائمة بين الشركة القابضة للصناعات الكيماوية ومستثمر مشتري أسهم شركة طنطا للكتان والزيوت.
يذكر أن بداية المنازعات كانت مع قرار الخصخصة عام 2005 وإحالة 450 عامل للمعاش المبكر، وأقام المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، موكلًا عن العمال الدعوى القضائية رقم 34248 لسنة 65 ق، وصدر الحكم في سبتمبر 2011 بقبول الدعوى والقضاء ببطلان العقد، وهو ما واجهته الشركة القابضة بالطعن دفاعًا عن عقود أبرمتها مع المستثمر رغم كونه أفرغ الشركة من هويتها وقضى على خطوط إنتاج كاملة، وكان من الدفوع التي تقدم بها المركز وأقرتها المحكمة هو ما نصَّ عليه قانون قطاع الأعمال العام نفسه، الذي تشير مادته 26 إلى عدم جواز التصرف بالبيع فى أصل من خطوط الإنتاج الرئيسية إلا بموافقة الجمعية العامة غير العادية، وفي حالة أن تكون الشركة عاجزة عن تشغيل هذه الخطوط تشغيلًا اقتصاديًا، أو أن يؤدى الاستمرار في تشغيلها إلى تحميل الشركة خسائر مؤكدة، وألا يقل سعر البيع عن القيمة التي تقدرها اللجنة، وهو ما لم يلتزم به المستثمر، فقد حصل – وفق العقد الباطل – على أرض لا يقل عن ثمنها عن 85 مليون جنيهٍ بسعر 39 مليون جنيهٍ فقط، ولكنه لم يكتفِ بذلك فقام بتسريح العمال، وإيقاف خطوط إنتاج رابحة وتحميل الشركة خسائر مقصود منها الإغلاق وتفريغ المكان من محتواه، فوقف العمال في مواجهته.
-ماذا نعرف عن طنطا للكتان؟
تشير البيانات المتاحة عن الشركة وفقا لموقعها الرسمي، أنها تأسست عام 1954، وبدأت الشركة بـ76 عاملا وقد تشكل أول مجلس إدارة للشركة من (روبير خوري– إميل فركوح– كلود ميشاقه– إدوارد ناصر– مراد فركوح– وليم ستيفنسون).
نشأت الشركة، باندماج ثلاثة مصانع للكتان الأول مصنع فركوح للكتان (ف. ف. ف) لصاحبه إميل فركوح لإنتاج ألياف الكتان ومشتقاته بميت حبيش البحرية، والثاني مصنع إنتاج دوبارة وحبال الكتان (الجملين) لصاحبه إدوارد ناصر وشركاه وكان يقع بالقرب من طريق الإسكندرية والثالث والأكبر مصنع روبير خوري وشركاه لإنتاج الكتان ومشتقاته وزيت بذرة الكتان المغلي للبويه (أبوالريش)، وكان يشغل مساحة 35 فدانًا بموقع الشركة الحالي بميت حبيش البحرية.
عملت الشركة في زراعة وتصنيع وتصدير الكتان ومشتقاته، حتى تم تأميمها بعد ثورة يوليو 1952، وأصبحت مملوكة بالكامل للحكومة.
في عام 1962 افتتح مصنع الخشب الحبيبى وكان الأول من نوعه بمصر والشرق الأوسط بقدرة إنتاجية 30 طن في اليوم من ألواح الخشب الحبيبي، وفي عام 1981 تم افتتاح مصنع لإنتاج الخشب الحبيبي الملصق ميلامين، وفي بداية التسعينيات تم افتتاح مصانع لإنتاج الخشب الحبيبي الرفيع والراتنجات (الغراء) والكونتر المسدب.
بلغت مساحة الشركة قبل خصخصتها نحو 73 فدانًا تقريبًا، إلى أن انتقلت ملكيتها إلى رجل الأعمال بعد قرار الخصخصة، حتى صدر حكم بعودتها للدولة في 2013، والذي ظل معلقًا حتى اتفاق التسوية المعلن في أغسطس الجاري.
-حبس المستثمر السعودي عامين:
وفي يونيو 2010 انتصر العمال من جديد، حيث حضر محامو المركز المصري بالتعاون مع المحامي الراحل الأستاذ سيد فتحي ومكتب الأستاذ طارق العوضي المحامي، المحاكمة ممثلين عن العمال وادعوا مدنياً ضد المتهمين، وأصدرت محكمة جنح مركز طنطا، حكماً غيابياً بحبس عبد الإله الكعكي المستثمر السعودي، ومحمد الصيحي المفوض العام للشركة ومحسن العياط مدير عام الشركة ومدير أمن الشركة السابق، سنتين مع الشغل والنفاذ علي كل متهم منهم ، وتغريم كل منهم مائة جنيه عن التهمة الأولى وتغريمهم خمسمائة جنيه عن كل عامل منهم يتقاضى أجره وعددهم 843 عامل عن التهمة الثانية وتغريمهم خمسمائة جنيه عن كل عامل تم فصله عن التهمة الثالثة وألزمتهم بالمصاريف الجنائية ، وبعدم إختصاصها بنظر الدعاوى المدنية وإحالتها الى المحكمة المدنية المختصة بجلسة.
وكانت النيابة العامة وجهت الاتهام للمتهمون بوصفهم فى يوم 7 / 10 / 2008 وأوائل شهر يناير 2010 دائرة مركز طنطا محافظة الغربية قاموا بالإعتداء على حق الغير فى العمل ( عمال شركة طنطا للكتان والزيوت ) وكان ذلك باتخاذ تدابير غير مشروعه لمنعهم من مزاولة العمل على النحو المبين بالتحقيقات .
وقالت المحكمة في حيثيات إصدارها للحكم أن المحكمة تقدر العامل المصرى لأهمية دوره الوطنى وإعمالاً لسطلتها على واقعات الجنحة فإنها تنزل أقصى درجات العقاب بالمتهمين إنصافاً للمجنى عليهم وإعمالاً لدور القضاء فى تطبيق القانون وتحقيق العدل، وإنتهاء فإن المحكمة تهيب بالمشرع المصرى إسباغ حماية قانونية خاصة للعامل المصرى وتشديد العقوبات على كل من يمس أو يتلاعب بأجور العمال ومقدراتهم وذلك لتحقيق الردع العام والخاص بالنص فى المادة 375 من قانون العقوبات على تغليظ العقاب فى حالة حدوث الإعتداء أو شروع فى الاعتداء على أكثر من عامل، ولما كان ما تقدم ولكون عمال مصر فى عليين على أن يمس أى من كان بمقدراتهم فإنه يتعين إدانتهم عملاً بمواد الإتهام والمادة 375، أولاً ـ فقرة ثانياً / ثانياً ،والمادة 247 من قانون العمل الموحد رقم 12 لسنة 2003 والمادة 304 من قانون الإجرءات الجنائية.
وفي سبتمبر 2013 أصدرت الإدارية العُليا حكمها الأخير بعد عامين من السعي لعمال لم يرتضوا بقطع أرزاقهم، قضت بعودة عمال شركة طنطا للكتان والزيوت لعملهم، وعودة الشركة وبشكل نهائيِّ لملكية الدولة ونصت على بطلان عقد البيع وما ترتب عليه من آثار منها الاستغناء عن جزء من العمالة.
ورغم حصول العمال علي تلك الأحكام الباتة الواضحة، ظل تفعيلها على أرض الواقع أمرًا مرهونًا بالكثير.
ومنذ الحكم الإداري، كانت الحكومة ممثلة في الشركة القابضة للصناعات الكيماوية في نزاع مع عائلة المستثمر الذي اشترى الشركة وقت الخصخصة، وتمكنت وزارة قطاع الأعمال العام، من التوصل لاتفاق تسوية مع المستثمر، ووافقت اللجنة الوزارية لتسوية منازعات عقود الاستثمار، على مشروع اتفاق تسوية المنازعة، بسداد مبلغ التسوية مقابل أن يتنازل المستثمر عن كامل حصته لصالح الشركة القابضة.
وقصة طنطا للكتان هي من أشهر القصص الشاهدة علي فساد الخصخصة التي تمت في مصر في عهد المخلوع مبارك،نتيجة لغياب الشفافية والنزاهة والمحاسبة، فلم تبذل الدولة وقتها أي جهد للإصلاح وإعادة الهيكلة، ولكن كان البيع لمجرد الانصياع لمتطلبات جهات أجنبية أو اتفاقات دولية تمس سيادة القرار السياسيِّ والاقتصادي للبلاد في وقت لم تكن الشركات تحتاج سوى بعض الإصلاح الرشيد.”
وظل العمال والمهتمين بالشأن النقابي والعمال يخوضوا هذه المعارك في هذا المجال ليس دفاعًا عن نظرية خاصة بالاقتصاد، لكنه دفاعاً عن حق المواطنين في أفضل استثمار لمقدراتهم خاصةً لو كانت مصانع حققت تميز وريادة ذات يومٍ قبل أن تتوالى عليها أيادي الفساد والرتابة، وكذلك الدفاع عن حق العمال ذوي الخبرة الخاصة في الحفاظ على أعمالهم وحقوقهم على آلاتهم التي حفظت حركة أياديهم.
وقال مالك عدلي مدير المركز المصر للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، في تصريح خاص ل ” بوابة البزنس” أنه يرحب بهذه الخطوة كما أنه يثمن هذا القرار وهذه الخطوة التي ستساعد في تهيئة المناخ الجاذب للاستثمارات المحلية والأجنبية، وأكد علي مطالبته بتسوية العديد من المنازعات مع القطاع الخاص وتسوية أوضاع الشركات الصادر بشأنها أحكام قضائية بعودتها للدولة منذ عام 2011، حيث أنه صدرت بعض الأحكام القضائية النهائية الآخري والخاصة باسترداد أكثر من شركة غير طنطا للكتان، مثل النيل لحليج الأقطان، وعمر أفندي، والنصر للمراجل البخارية، وشبين الكوم للغزل والنسيج، وسيمو للورق، والعربية للتجارة الخارجية.
وأضاف أنه يتمني من وزارة قطاع الأعمال ممثلة في الشركة القابضة تطوير الشركة والعمل علي نموها، وهذا قد يتضمن زيادة رأس مال الشركة، فوفقاً للموقع الرسمي للشركة، يبلغ عدد العمال الآن، نحو 500 عامل، وتنتج دوبارة الكتان، وزيت بذر الكتان النيء، والأثاثات الخشبية، والخشب الكونتر المسدب، وغيرها.
وأكد على استمرار المركز المصري في سياسته المدافعة عن حقوق العمال، ويرحب بهذه الخطوة وإعادة الشركة لملكية الدولة نفاذا للأحكام القضائية التي صدرت ومراعاة الصالح العام ولصالح عمال الشركة ويأمل عودتها قريبا إلي المكانة التي كانت عليها باعتبارها إحدي مجالات الصناعة الهامة في مصر.