
كتبت : شمس وليد
يُعد التأمين أحد أهم الأدوات المالية التي تسهم في تحقيق الحماية والاستقرار للأسرة والمجتمع، ولا سيما في حياة المرأة التي تواجه تحديات مالية واجتماعية متفردة. ومع اتساع الجهود نحو تحقيق الشمول المالي، ما زالت هناك فجوات كبيرة تحول دون استفادة المرأة من خدمات التأمين بالشكل الأمثل.
وأكد تقرير صادر عن اتحاد شركات التأمين المصرية أن التأمين يمثل ركيزة أساسية لتحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي للمرأة، من خلال توفير شبكة أمان مالية ضد المخاطر الصحية والاجتماعية التي قد تواجهها في مختلف مراحل حياتها، مشددًا على أن تطوير منتجات تأمينية تراعي احتياجات النساء أصبح ضرورة وطنية.
وأوضح التقرير أن التأمين الصحي يسهم في تخفيف الأعباء المالية الناتجة عن الأمراض المزمنة أو الجراحات المكلفة، لا سيما تلك الخاصة بالنساء، مثل أمراض الثدي وعنق الرحم، ما يساعد في الحفاظ على مدخرات الأسر وحمايتها من الفقر.
كما يُعد تأمين الحياة أداة لضمان استقرار الأسرة في حال وفاة المعيل أو الزوجة المعيلة، بينما يوفّر تأمين الدخل بديلاً ماديًا في حالات العجز أو الإصابة التي تمنع المرأة من العمل. وأشار التقرير إلى أن وثائق التأمين الادخاري تمثل وسيلة آمنة للادخار من أجل التقاعد، في ظل ارتفاع متوسط عمر النساء مقارنة بالرجال.
وفي جانب آخر، يسهم التأمين متناهي الصغر في دعم رائدات الأعمال وأصحاب المشروعات الصغيرة، من خلال حمايتهن من مخاطر الحريق أو السرقة أو توقف النشاط، فضلًا عن دوره في تعزيز مصداقية المرأة الائتمانية أمام البنوك وجهات التمويل.
أكد التقرير أن التأمين لا يقتصر على كونه أداة مالية فحسب، بل يمثل أيضًا وسيلة لتعزيز استقلالية المرأة وثقتها بنفسها، من خلال تمكينها من مواجهة الأزمات دون الاعتماد الكامل على الآخرين.
وأشار إلى أن المرأة المؤمّن عليها تتحول من “مسؤولة محتملة” في أوقات الأزمات إلى “ركيزة داعمة للأسرة”، نظرًا لقدرتها على إدارة المخاطر الصحية أو الاقتصادية دون الإضرار بالاستقرار المالي للأسرة. كما يساعد التأمين المرأة المطلقة أو الأرملة على تجاوز المراحل الانتقالية الصعبة وتأمين احتياجاتها الأساسية لحين إعادة تأهيلها مهنيًا.
رغم أهمية التأمين، أوضح التقرير أن النساء ما زلن يواجهن فجوات كبيرة في الوصول إلى الخدمات التأمينية، خاصة العاملات في القطاع غير الرسمي اللواتي يفتقرن للتغطية الاجتماعية والتأمينية. كما تؤدي فجوة الأجور وضعف الوعي المالي إلى انخفاض إقبال النساء على شراء وثائق التأمين.
وأشار التقرير إلى أن تصميم العديد من المنتجات التأمينية لا يراعي الاحتياجات الخاصة بالمرأة، حيث تُصمم بعض الوثائق على أساس أن العميل “ذكر معيل للأسرة”، ما يجعلها غير مناسبة لكثير من النساء.
كما تواجه النساء أحيانًا حواجز في التسعير أو شروط اكتتاب أكثر صرامة، خاصة في التأمين الصحي والحياة، إلى جانب عقبات اجتماعية وثقافية تحد من استقلالهن المالي أو قدرتهن على اتخاذ القرار المالي بشكل ذاتي.
أبرز التقرير عددًا من التجارب الدولية الرائدة، منها تجربة منظمة SEWA في الهند، التي صممت برامج تأمين صحي جماعية بأسعار مناسبة للعاملات في القطاع غير الرسمي، وبرامج “WeWomen” في الفلبين، التي تقدم منتجات تأمينية مخصصة للنساء في مجالات الحوادث والمشروعات الصغيرة.
وفي بنغلاديش وجنوب إفريقيا، طورت شركات تأمين محلية منتجات موجهة خصيصًا للنساء بمختلف شرائح الدخل، بعد دراسات معمقة لاحتياجاتهن في مجال الحماية الصحية والمالية.
كشف التقرير عن مادة جديدة تضمنها قانون التأمين الموحد رقم 155 لسنة 2024، تلزم الزوج بدفع مبلغ تأميني تحت بند “التأمين ضد مخاطر الطلاق”، تتقاضاه المطلقة وفقًا لشروط محددة. وتهدف الوثيقة إلى ضمان حقوق المرأة في حالات الطلاق وتأمينها ماديًا حتى حصولها على مستحقاتها، ما يمثل ضمانة للأمان المالي والنفسي، خصوصًا للنساء غير العاملات.
وتعمل اللجان الفنية باتحاد شركات التأمين حاليًا على دراسة الشكل المقترح للوثيقة تمهيدًا لعرضها على الهيئة العامة للرقابة المالية.
اختتم الاتحاد تقريره بالتأكيد على أن التأمين ليس مجرد أداة مالية تقنية، بل هو وسيلة لتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، مشيرًا إلى أن تحقيق الاستفادة الكاملة يتطلب مواجهة العوائق الهيكلية والاجتماعية التي تحد من مشاركة النساء في سوق التأمين.
ودعا الاتحاد إلى تعزيز التعاون بين الحكومة والجهات التنظيمية وشركات التأمين والمجتمع المدني، لبناء نظام تأميني شامل وعادل يحقق الحماية الكاملة للمرأة، ويسهم في بناء مجتمع أكثر مرونة وعدالة وازدهارًا.