أخبارشركات وبورصة

إعادة الهيكلة.. بوابة التحول الرقمي ونمو الشركات المصرية في الأسواق المحلية والدولية  

كتبت : شمس وليد

في لقاء خاص ضمن برنامج “بيزنس” الذى تقدمه الإعلامية شيماء موسى على قناة Ten ، أكد المهندس محمد شوقي، خبير إدارة المشروعات وتطوير الأعمال وهياكل الشركات، أن عملية إعادة الهيكلة لا ترتبط بكون الشركة جديدة أو قائمة، أو بكونها تحقق أرباحاً أو خسائر، بل هي ضرورة استراتيجية للتوسع وزيادة الإيرادات وتحقيق نمو مستدام.

وأوضح أن الهيكلة الناجحة تقوم على خمس ركائز أساسية؛ أولها التنظيم وما يشمله من سياسات وهيكل وظيفي واضح، ثم الموارد والتي لا تقتصر على العنصر البشري فقط، بل تشمل المعدات والآلات والتكنولوجيا وفقاً لطبيعة النشاط. أما الركيزة الثالثة فهي الهيكلة المالية، والتي تتطلب خطط إنفاق واضحة وتوقعات مالية دقيقة، يليها عنصر التنفيذ الذي يضمن تطبيق الخطط بكفاءة.

وأشار إلى أن الرؤية الواضحة للشركة تمثل الأساس قبل البدء في أي عملية هيكلة، موضحاً أن بعض الشركات تبدأ من مشروع بسيط أو فردي ثم تتوسع بشكل كبير، مما يستدعي إعادة تنظيم الموارد واستخدام تقنيات جديدة للحفاظ على منحنى النمو.

كما شدد على أهمية العنصر البشري باعتباره الركيزة الأساسية لنجاح أي مؤسسة، موضحاً أن اختيار الكوادر يتم وفق مستويات الإدارة العليا والمتوسطة والتنفيذية، مع تحديد مهام ومسؤوليات واضحة لكل مستوى، إلى جانب السمات الشخصية مثل القيادة، مهارات التواصل، والقدرة على التفاوض وتحفيز الفريق.

وأضاف أن الإدارة العليا تلعب دوراً محورياً في غرس ثقافة الانتماء داخل المؤسسة، عبر تبني نهج تشاركي غير مركزي والاستماع إلى الموظفين وتشجيع الإبداع، مؤكداً أن نجاح الهيكل التنظيمي يكمن في إظهار مسار التطور الوظيفي وفرص التقدم المتاحة للموظفين بما يعزز استمراريتهم وولاءهم للمؤسسة.

وحول التحديات التي تواجه المؤسسات في تطبيق هيكل تنظيمي فعّال، أوضح أن مصر تمتلك نماذج ناجحة لشركات ورواد أعمال حققوا إنجازات تضاهي كبرى العلامات العالمية. وأكد أن خبرته الإقليمية في الأسواق الإفريقية والخليجية بدأت من مؤسسة مصرية ذات رؤية واضحة ساهمت في تطوير قدراته والانطلاق نحو أسواق خارجية.

وأشار إلى أن التحديات الكبرى لا تواجه الشركات متعددة الجنسيات التي تمتلك رؤية وخطط هيكلة واضحة، بل تتركز غالباً في الشركات المحلية التي انتقلت من حجم صغير إلى متوسط أو كبير نتيجة نجاحها السريع. وأضاف أن هذه الشركات غالباً ما تتخوف قياداتها من حجم الإنفاق المطلوب لإعادة الهيكلة مقابل المردود المتوقع، معتبرة ذلك مخاطرة عالية.

وضرب أمثلة عالمية على أهمية الهيكلة، مثل مايكروسوفت التي تحولت جذرياً عند دخولها مجال الحوسبة السحابية، حيث استثمرت مبالغ ضخمة في إعادة هيكلة عملياتها وإداراتها وحققت قفزة هائلة في الإيرادات. كما أشار إلى دور ستيف جوبز في إعادة صياغة هيكلة شركة أبل، وإلغاء المنتجات غير المجدية وتطوير ثقافة جديدة داخل المؤسسة جعلت من “آيفون” منافساً قوياً أطاح بسيطرة بلاك بيري على السوق ، كما استشهد بنجاح كارلوس غصن في إعادة هيكلة شركة رينو وتحويلها من الخسائر الكبيرة إلى كيان ناجح توسع لاحقاً ليشمل تحالف “رينو-نيسان”.

واكد على أن نجاح الهيكلة يتوقف على وضوح الرؤية، تحديد الموارد المالية والإدارية المطلوبة، والأهم من ذلك الاستثمار في العنصر البشري باعتباره المحرك الرئيسي لتحقيق أهداف الشركة.

أوضح أن إعادة الهيكلة لا ترتبط بحجم معين للشركات، بل تُعد ضرورة في مختلف المراحل، خاصة عند انتقال الشركة من حجم صغير إلى متوسط أو كبير، أو عند التوسع في أسواق جديدة وإضافة خدمات أو منتجات مبتكرة.

وأشار إلى أن وجود رؤية واضحة من مجلس الإدارة يمثل الخطوة الأولى، حيث يتم تحويلها إلى نموذج تشغيلي وخطط مالية وإدارية دقيقة، تشمل تحديد الاستثمارات المطلوبة وتقدير الانعكاسات المالية، مع تصميم مصفوفات المسؤوليات وخطوط التقارير وقواعد سير العمل، لضمان كفاءة التشغيل واستدامة النمو.

وأكد أن الاستثمار في الموارد البشرية يمثل جناحاً أساسياً في نجاح أي خطة هيكلة، مشيراً إلى أن الكفاءات المدربة هي المحرك الفعلي للتنفيذ والتطوير. وأضاف أن التحول الرقمي أصبح جزءاً محورياً من عملية الهيكلة، شريطة أن يكون مصمماً خصيصاً لطبيعة الشركة وليس مجرد تطبيق لأنظمة جاهزة، بما يضمن رفع كفاءة الأداء وتحقيق التكامل بين الإدارات.

كما شدد على أن الهيكلة تأتي قبل التطوير، موضحاً أن خطة الشركة يجب أن تتضمن رؤية مستقبلية تغطي خمس سنوات على الأقل، مع توقعات مالية دقيقة لتلبية احتياجات التوسع، ومتابعة دورية لمؤشرات الأداء والإيرادات والمصروفات.

واختتم بالتأكيد على أن مصر تضم كيانات ناجحة ورواد أعمال حققوا إنجازات كبيرة بفضل رؤيتهم الواضحة وقدرتهم على تبني الهياكل التنظيمية السليمة، وهو ما انعكس في معدلات النمو والتوسع سواء داخل البلاد أو خارجها.

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى