أخبارمقالات

رؤية خبير….. “المستريح” بين الوعى والتوعية

بقلم اللواء الدكتور/ محسن الفحام

لدىَ قناعة كاملة ان الاعلام بكافة وسائله لا يقتصر دوره على مجرد تغطية أحداث أو وقائع فقط بل ان دوره يتعدى ذلك خاصة اذا كانت تلك الاحداث تمس المواطن فى حياته ورزقه وعمله بل ومستقبله.
ومن هذا المنطلق فقد لاحظت ظاهرة يبدو انها فى طريقها للانتشار خاصة فى صعيد وأرياف بلادنا وهى ظاهرة ما يسمى “المستريح” وهو ذلك الشخص الذى يسعى اليه الناس بأموالهم دون ان يبذل اى مجهود بمعنى انه “مستريح” لكى يستثمرها لهم فى مشروعات وهمية تدر عليهم دخلاً شهرياً بنسب كبيرة ومغرية تجعلهم أحياناً يبيعون ممتلكاتهم أو مدخراتهم فى البنوك لإعطائها لهذا المستريح دون أى ضغوط عليهم سوى قدرة هذا الشخص فى إقناع ضحاياه إما بشكل مباشر أو عن طريق مساعدين له لديهم القدرة على الاقناع.
جدير بالذكر ان تسمية النصاب الذى يقوم بتلك العمليات بمصطلح “المستريح” تعود الى شهر ابريل 2015 حيث تمكنت مباحث الاموال العامة من القبض على رجل الاعمال أحمد مصطفى ابراهيم الشهير بأحمد “المستريح” تنفيذاً لقرار النيابة بضبطه و إحضاره حيث وجهت اليه تهمة النصب على عدد من المواطنين بادعائه توظيف الاموال وتمكن من الاستيلاء على نحو مليارى جنيه منهم حيث حكم عليه بالسجن لمدة 15 عاماً ورد المبالغ المستولى عليها للمودعين ومنذ هذا التاريخ تم تسمية تلك القضايا بمصطلح “المستريح” ثم توالت تلك الوقائع على مدى السنوات الماضية فى العديد من محافظات الجمهورية حيث بلغت جملة المبالغ ما يعادل 4 مليار جنيه وتم القبض على بعض المتهمين بينما نجح البعض منهم فى الهروب من يد العدالة حتى الان.
والواقع ان هناك العديد من الاسباب أدت الى تنامى تلك الظاهرة يمكن ايجازها فى النقاط التالية….
-الظروف الاقتصادية التى تمربها الدولة بل والعالم بأسره والتى أدت الى زيادة نسبة البطالة وفقد الكثيرين مصادر دخلهم وقلة فرص العمل المناسبة والسيطرة على عمليات الهجرة الغير شرعية.
-عدم وجود رؤية من اصحاب الاموال لاستثمار اموالهم او الخوف من المجازفة بإقامة مشاريع خاصة بهم يقومون بادارتها بانفسهم قد يفشلون فيها فيبحثون عن وسيلة سهلة لاستثمار اموالهم وزيادتها مما يجعلهم عرضه للوقوع فى شباك النصب.
-نجاح النصاب فى كسب ثقة الضحايا من خلال جذبهم فى شباكة وإيقاعهم فى فخ المكاسب المبدئية من خلال دفع ارباحاً كبيرة لهم لعدة أشهر متتالية لحين الحصول على مبالغ كبيرة ثم يدعى تعثره فى تجارته ويستولى على النقود ويهرب سواء داخل البلاد أو خارجها قبل لجوء الضحايا للابلاغ عنه لدى الاجهزة الامنية.
-قلة الفوائد البنكية بالنسبة للفوائد التى يمكن الحصول عليها من خلال الاغراءات التى يقدمها النصاب أو فريق عمله للضحايا والتى تساعدهم فى مصروفاتهم الحياتية.
-قلة الوعى بالنسبة للعديد من الضحايا خاصة من فئة الفلاحين والعمال وتدهور المستوى الثقافى وقدرة النصاب على الاقناع بانه سوف تكون هناك عائد شهرى كبير مع ثبات قيمة اموالهم يجعلهم يندفعون اليه بما يملكونه من اموال او مشغولات ذهبية بل ان البعض يقوم ببيع جزء من ارضه الزراعية لتحقيق الثراء السريع الذى يحلم به.
وهناك العديد من الاسباب الاخرى التى تختلف من محافظة الى اخرى إلا ان ما اشرنا اليه يمثل الاطار العام لمعظم تلك القضايا.
ومن هنا كان من الواجب علينا ان نستخدم كل ادواتنا المشروعة أمنياً وتشريعياً واجتماعياً ودينياً لتوعية الاهل فى جميع محافظات الوطن من الوقوع فى براثن تلك العمليات قبل ان تصبح ظاهرة يصعب القضاء عليها…ومن هنا فإن الاعلام لابد ان يقوم بدوره فى عرض العديد من الحالات التى تعرضت للنصب وفقدت اموالها ومدخراتها بالكامل سعياً وراء تحقيق ذلك الوهم….وايضاً لابد ان يبحث مجلس النواب ويناقش هذا الموضوع بكل اهتمام وذلك بغرض تعظيم العقوبات التى تطبق على القائمين بهذا العمل الاجرامى واصدار التشريعات اللازمة لذلك…كما يجب ان يقوم رجال الدين بدورهم فى اثارة تلك الموضوعات فى احاديثهم فى المساجد والكنائس بحسبان ان ذلك يمثل احد اوجه الربا بجانب ذلك الدور الملموس لوزارة الداخلية فى تضيق الخناق على كل من تسول له نفسه ان يقوم باعمال نصب واحتيال على المواطنين الابرياء.
هناك مسئولية مجتمعية تحتم علينا جميعاً العمل على منع سقوط هذا المواطن البسيط للوقوع فى براثن الغش والخداع التى يجيدها بعض اعداء الوطن حتى ولو كانوا يحملون جنسيته .
وتحيا مصر….

اظهر المزيد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى